لا أعرف لم قررت الكتابة الآن
فأنا حالياً لا أشعر بحزن، ذلك الحزن الذي يلهب كلماتي دائماً، حزنٌ لا يعرفه سوى الكاتب الذي يعترف بقرارة نفسه أن آلية كلماته تنبع من الشعور بالجنون و القهر. و أنا لا أعيش أيضاً قصة حب، وهميةً كانت أو واقعية. ليس بي لوعة مشتاقة كالتي ألهمت ناظم الغزالي في أروع ما غنى، و كبريائي شافٍ تماماً من كل جرح. قلبي سليم و لا تنقصه أي قطعة، مرتاحةٌ أنا و الحمدلله
أستغرب هذا الهدوء في كياني، و ذهاب فورة غضبي التي لطالما اشتكى منها الجميع، شعورٌ بالسكينة لم أعتاده، هل هو هذا النضج الذي يتكلمون عنه؟ لا أدري
فحتى دفتري هذا، شهد منذ شهورٍ قليلة غضب قلمي تجاه فساد الحكومة و ضعف الرجل و قلمي الآن هادىء ، و لم أعتاده هادئاً
لا أعرف لم أكتب الآن و جل ما يدور بذهني خططاً لغدٍ لا يتضمن سوى مساعدة أمي في إعداد الإفطار و نيةً أن أقرأ جزءين من القرآن الكريم.. الحمدلله
الحمدلله، فهذه السكينة هي علامة المؤمن و ذلك الهدوء الذي لم أشتك منه حتى الآن هو جل ما يتمناه كل انسان. و لكني لا أخفي عليك يا دفتري شوقي للمرأة التي كانت أنا: لضعفها و دلالها، تلك المرأة التي عاهدت نفسها أن تغير العالم، و تقهر الظالم و توقظ النائم حتى و لو بأضعف الإيمان. تلك المرأة التي نذرت حنانها لأطفال لم تلدهم و قلبها لرجل لم تلتق به بعد. تلك المرأة التي هزّت دموعها الصادقة جدران غرفتها و ألهبت نظراتها قبائل من الرجال
أشتاق لها أحياناً نعم، و لكني أفضل الأيدي التي تكتب الآن، فهي أهدأ و أنضج و حتى التجاعيد الصغيرة التي بدأت بالظهور تحت أعين صاحبتها أجمل بكثير من بشرةٍ ساذجة لم تعرف يوماً الحقيقة المبسطة لعالم ظنته معقداً
هذا ليس بتشاؤم و لكنه الهدوء الذي أخبرتك عنه يا دفتري، هدوءٌ أعلم أنه يضايقك و يريحني
و تعلم ماذا أيضاً؟ سأتوقف عن التساؤل عن أسباب كتابة هذه السطور، فلربما هذه بداية لكلمات لا تعتمد على فنجان قهوة، قضية وطن مجهول و عنفوان امرأة لم تأب السكوت. و إن كانت هذه هي أمواج الهدوء التي تسبق العاصفة ، فدعني أيها الدفتر أستمتع بها فأنا لم أعرف قط لذة هذا الهدوء
No comments:
Post a Comment